سورة المائدة - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المائدة)


        


{يا قوم ادخلوا الأرض المقدَّسة} المطهَّرة. يعني: الشَّام، وذلك أنَّها طُهِّرت من الشِّرك، وجُعلت مسكناً للأنبياء {التي كتب الله لكم} أمركم الله بدخولها {ولا ترتدوا على أدباركم} لا ترجعوا إلى دينكم الشِّركِ بالله.
{قالوا يا موسى إنَّ فيها قوماً جبارين} طوالاً ذوي قوَّة، وكانوا من بقايا عادٍ يقال لهم العمالقة.
{قال رجلان} هما يوشع بن نون، وكالب بن يوفنا {من الذين يخافون} اللَّهَ في مخالفة أمره {أنعم الله عليهما} بالفضل واليقين {ادخلوا عليهم الباب...} الآية، وإنَّما قالا ذلك تيقُّناً بنصر الله، وإنجاز وعده لنبيِّه، فخالفوا نبيَّهم وعصوا أمر الله، وأتوا من القول بما فسقوا به، وهو قوله: {قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون} فقال موسى عند ذلك: {لا أملك إلاَّ نفسي وأخي} يقول: لم يُطعني منهم إلاَّ نفسي وأخي {فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين} فاقض بيننا وبين القوم العاصين، فحرَّم الله على الذين عصوا دخول القرية، وحبسهم في التِّيه أربعين سنةً حتى ماتوا، ولم يدخلها أحدٌ من هؤلاء، وإنَّما دخلها أولادهم، وهو قوله: {فإنها محرَّمة عليهم...} الآية. وقوله: {يتيهون في الأرض} يتحيَّرون فلا يهتدون للخروج منها {فلا تأس على القوم الفاسقين} لا تحزن على عذابهم.


{واتل عليهم} يعني: على قومك {نبأ} خبر {ابني آدم} هابيل وقابيل {إذ قرَّبا قرباناً} تقرَّب إلى الله هابيل بخيرِ كبشٍ في غنمه، فنزلت من السَّماء نارٌ فاحتملته، فهو الكبش الذي فُدي به إسماعيل، وتقرَّب إلى الله قابيل بأردأ ما كان عنده من القمح، وكان صاحب زرع، فلم تحمل النَّار قربانه، والقربان: اسمٌ لكلِّ ما يُتقرَّب به إلى الله، فقال الذي لم يُتقبَّلْْ منه: {لأقتلنك} حسداً له، فقال هابيل: {إنما يتقبل الله من المتقين} للمعاصي لا من العاصين.
{لئن بَسَطتَ إليَّ يدك} لئن بدأتني بالقتل فما أنا بالذي أبدؤك بالقتل {إني أخاف الله} في قتلك.
{إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك} أَنْ تحتمل إثم قتلي وإثم الذي كان منك قبل قتلي.
{فَطَوَّعَتْ له نفسه قتل أخيه} سهَّلته وزيَّنت له ذلك {فقتله فأصبح من الخاسرين} خسر دنياه بإسخاط والديه، وآخرته بسخط الله عليه، فلمَّا قتله لم يدرِ ما يصنع به؛ لأنَّه كان أوَّل ميِّت على وجه الأرض من بني آدم، فحمله في جرابٍ على ظهره.
{فبعث الله غراباً يبحث في الأرض} يثير التُّراب من الأرض على غرابٍ ميِّتٍ {ليريه كيف يواري} يستر {سوءة} جيفة {أخيه} فلمَّا رأى ذلك قال: {يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فَأُوَارِيَ سوءة أخي فأصبح من النادمين} على حمله والتَّطوف به.
{من أجل ذلك} من سبب ذلك الذي فعل قابيل {كتبنا} فرضنا {على بني إسرائيل أنَّه مَنْ قتل نفساً بغير نفسٍ} بغير قَوَدٍ {أو فسادٍ} شركٍ {في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً} يُقتل كما لو قتلهم جميعاً، ويصلى النَّار كما يصلاها لو قتلهم {ومَن أحياها} حرَّمها وتورَّع عن قتلها {فكأنما أحيا الناس جميعاً} لسلامتهم منه؛ لأنَّه لا يستحلُّ دماءهم {ولقد جاءتهم} يعني: بني إسرائيل {رسلنا بالبينات} بأنَّ لهم صدق ما جاؤوهم به {ثم إنَّ كثيراً منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون} أَيْ: مجاوزون حدَّ الحقِّ.


{إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله} أَيْ: يعصونهما ولا يطيعونهما. يعني: الخارجين على الإِمام وعلى الأمَّة بالسَّيف. نزلت هذه الآية في قصة العُرَنيين، وهي معروفةٌ، تعليماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم عقوبة مَن فعل مثل فعلهم، وقوله: {ويسعون في الأرض فساداً} بالقتل وأخذ الأموال {أن يقتلوا أو يصلبوا أن تُقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض} معنى {أو} ها هنا الإِباحة، فاللإِمام أن يفعل ما أراد من هذه الأشياء، ومعنى النَّفي من الأرض الحبسُ في السِّجن؛ لأنَّ المسجون بمنزلة المُخرج من الدُّنيا {ذلك لهم خزي} هوانٌ وفضيحةٌ {في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم} وهذا للكفَّار الذين نزلت فيهم الآية؛ لأنَّ العُرنيين ارتدُّوا عن الدِّين، والمسلم إذا عوقب في الدُّنيا بجنايته صارت مكفَّرةً عنه.
{إلاَّ الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم} آمنوا من قبل أن تعاقبوهم فالله غفورٌ رحيمٌ لهم. هذا في المشرك المحارب إذا آمن قبل القدرة عليه سقط عنه جميع الحدود، فأمَّا المسلم المحارب إذا تاب واستأمن قبل القدرة عليه سقط عنه حدود الله، ولا تسقط حقوق بني آدم.
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا} عقاب {الله} بالطَّاعة {وابتغوا إليه الوسيلة} تقرَّبوا إليه بطاعته {وجاهدوا} العدوَّ {في سبيله} في طاعته {لعلكم تفلحون} كي تسعدوا وتبقوا في الجنَّة.
{إنَّ الذين كفروا...} الآية. ظاهرة.
{يريدون} يتمنَّون بقلوبهم {أن يخرجوا من النار}.
{والسارق والسارقةُ فاقطعوا أيديهما} يمينَ هذا ويمين هذه، فجمع {جَزَاءً بما كسبا} أَيْ: بجزاء فعلهما {نكالاً} عقوبةً {من الله والله عزيز} في انتقامه {حكيم} فيما أوجب من القطع.
{فمن تاب من بعد ظلمه} النَّاس {وأصلح} العمل بعد السَّرقة {فإنَّ الله يتوب عليه} يعود عليه بالرَّحمة.
{ألم تعلم أنَّ الله له ملك السموات والأرض يعذب مَنْ يشاء} على الذَّنب الصَّغير {ويغفر لمن يشاء} الذَّنب العظيم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8